"
حصَّة للطفولة وحصة للشبق. جسد للمغفرة، جسد للشهوات. يذوب رخام الكلام ليصقل مدائح الساق التي تشقُّ المقبرة الى حديقتين: حديقة للماضي وحديقة للحلم. ويلمع البرق الأول في العظام اليافعة. كم إمرأة فيك لأسقط زحام روحي وأنجو على توالد اللحظة. كم امرأة أنت ليدخل الوقت في الوقت ويخرُج خيطاً من حرير يصطفيني لاختيار مشانق الدم. كم امرأة فيك لتتقمّص البرهة تاريخ الصلاة والمجون على قدمين هما ختم جهنم والجنة! كم امراة أنت لتكون سيرة هذا البطن المعجون من رائحة الفل ومن لونه التائه بين الضوء والحليب سيرةً لحروب الدفاع عن الصبا والأربعين. كم امرأة أنت لأسترِّد الشتاء السابق من كل مايأتي من مطر أختار قطراته شبهاً لما عرفت؟ ولأقارن اللذة باللذة، هل كنّا معاً حقّاً على صوف تلك الأرض؟ أقلِّد ما لايتبدد من رعشة تهزّ الغرف حين يوحِّد ما يتجدَّد فينا ظني بأني معك. ولم أقل إني أحبك، لأني لا أعرف إن كنت أحبك مادمتُ أخبِّئ دمي تحت جِلدك وفي شعيرات السر المقدس أذرف عسل النحل الأحمق، السر الذي امتصني لأجد جسدي يتوالد بلا انقطاع. ولم تقولي أحبكَ لأني لن أصدق أن جميع النساء اللائي ولدنَ على جبل جلعاد وفي سومر وفي وادي الملوك يجتمعنَ علي الليلة. كم امرأة فيك لتنوح أحلامي على ما تفقد الأمم من شتاء يستحق أن تكوني أمَّه وسيدته. في كلِّ امرأة جميلة هِبةَ من وصايا قدميك للأرض، وإرث لاينقطع عن تزويد الغابات بهستيريا العشب. وليت واحداً منّا يمقت الآخر ليصاب الحب بالحب، وليت واحداً منّا ينسى الآخر ليصاب النسيان بالذكرى. وليت واحداً منّا يموت قبل الآخر ليصاب الجنون بالجنون.
"
محمود درويش
حصَّة للطفولة وحصة للشبق. جسد للمغفرة، جسد للشهوات. يذوب رخام الكلام ليصقل مدائح الساق التي تشقُّ المقبرة الى حديقتين: حديقة للماضي وحديقة للحلم. ويلمع البرق الأول في العظام اليافعة. كم إمرأة فيك لأسقط زحام روحي وأنجو على توالد اللحظة. كم امرأة أنت ليدخل الوقت في الوقت ويخرُج خيطاً من حرير يصطفيني لاختيار مشانق الدم. كم امرأة فيك لتتقمّص البرهة تاريخ الصلاة والمجون على قدمين هما ختم جهنم والجنة! كم امراة أنت لتكون سيرة هذا البطن المعجون من رائحة الفل ومن لونه التائه بين الضوء والحليب سيرةً لحروب الدفاع عن الصبا والأربعين. كم امرأة أنت لأسترِّد الشتاء السابق من كل مايأتي من مطر أختار قطراته شبهاً لما عرفت؟ ولأقارن اللذة باللذة، هل كنّا معاً حقّاً على صوف تلك الأرض؟ أقلِّد ما لايتبدد من رعشة تهزّ الغرف حين يوحِّد ما يتجدَّد فينا ظني بأني معك. ولم أقل إني أحبك، لأني لا أعرف إن كنت أحبك مادمتُ أخبِّئ دمي تحت جِلدك وفي شعيرات السر المقدس أذرف عسل النحل الأحمق، السر الذي امتصني لأجد جسدي يتوالد بلا انقطاع. ولم تقولي أحبكَ لأني لن أصدق أن جميع النساء اللائي ولدنَ على جبل جلعاد وفي سومر وفي وادي الملوك يجتمعنَ علي الليلة. كم امرأة فيك لتنوح أحلامي على ما تفقد الأمم من شتاء يستحق أن تكوني أمَّه وسيدته. في كلِّ امرأة جميلة هِبةَ من وصايا قدميك للأرض، وإرث لاينقطع عن تزويد الغابات بهستيريا العشب. وليت واحداً منّا يمقت الآخر ليصاب الحب بالحب، وليت واحداً منّا ينسى الآخر ليصاب النسيان بالذكرى. وليت واحداً منّا يموت قبل الآخر ليصاب الجنون بالجنون.
"
محمود درويش
No comments:
Post a Comment