آه إنما أنا أحب الهذر والهذيان والخطأ والضلال. إن الخطأ هو الميزة الوحيدة التي يمتاز بها الكائن الإنساني على سائر الكائنات الحية. من يخطأ يصل إلى الحقيقية. أنا إنسان لأنني أخطأ. ما وصل امرؤ إلى حقيقة واحد إلا بعد أن أخطأ أربع عشرة مرة وربما مائة وأربع عشرة مرة! وهذا في ذاته ليس فيه ما يعيب. لك أن تقول آراء جنونية، ولكن لتكن هذه الآراء آرائك أنت، فأغمرك بالقبل. لأنْ يخطئ المرة بطريقته الشخصية، فذلك يكون خيراً من ترديد حقيقة لقنه إياها غيره. أنت في الحالة الأولى إنسان، أما في الحالة الثانية فأنت ببغاء لا أكثر. الحقيقة لا تطير ، أما الحياة فيمكن خنقها. إلى أين وصلنا من هذا الآن؟ نحن جميعاً بغير استثناء سواء في ميدان العلم أو الثقافة أو الفكر أو العبقرية الخالقة أو المثل الأعلى أو الرغبات أو اللبرالية أو العقل أو التجربة ، نحن في كل شيء ، في كل شيء ، في كل شيء ما زلنا في الصفوف الإعدادية لدخول المدرسة الثاتوية، نحب أن نكرر ونمضغ أفكار الآخرين، وتعودنا على ذلك، أليس هذا صحيحاً؟ أليس الأمر كما أقول؟ أليست هذه هي الحقيقة؟
-
اصغ إلي ، إنني أعلن لكم أنكم جميعاً ، من أولكم إلى آخركم، لستم إلا ثرثارين صغاراً ، ومتبجحين تافهين. إنكم ما إن يصبكم شر حتى تحتضنونه كما تحتضن الدجاجة بيضها. وحتى في هذا إنما أنتم تسرقون من الكتاب الأجانب. ليس فيكم ذرة من حياة، ليس فيكم ذرة من حياة شخصية أصيلة. ليس ما يجري في عروقكم دماً بل مصالة. ما من أحد منكم يوحي إلي بالثقة. همكم الأول في جميع الظروف هو أن لا تسلكوا سلوك الرجال
* راسكولنيكوف
No comments:
Post a Comment