عندما أعلنت عن شروعي في تحقيق هذا الفيلم، كنت ذات ظهيرة في تلك القرية الصغيرة التي حدثت فيها القصة، أو الجريمة. المنظر الطبيعي كان مغلفاً كله بتدرّجات اللون الرمادي، السماء كانت داكنة، البيوت الصغيرة مكسوة بلون أسمر فاتح، وكانت هناك التلال الصخرية.
السماء آنذاك بدأت تمطر، مجرد رذاذ. الضباب الخفيف كان يغطي الجبل، والقرية بدت مهجورة. أغلب الناس كانوا قد رحلوا إلى ألمانيا، كما العديد من اليونانيين في الخمسينيات، بحثاً عن حياة أفضل. بضع نسوة عجائز مرتديات ملابس سوداء كما لو في حداد، واللواتي بالكاد يمكن رؤيتهن في الضوء القاتم، يتسربن في صمت عبر الشوارع الضيقة. فجأة سمعت صوتاً شائخاً، أجش، يردّد أغنية قديمة جدا: "آه يا شجرة الليمون الصغيرة، آه يا شجرة الليمون الصغيرة".. وهي الأغنية التي استخدمتها أخيراً في الفيلم.
لقد كانت لحظة سحرية أثّرت فيّ بعمق شديد، وتركت ختمها عليّ حتى يومنا: المطر، الضباب، الأحجار المادية، النسوة المتشحات بالسواد كأنهن أشباح، الرجل العجوز وهو يغني.
ثيو أنجيلوبولوس*
No comments:
Post a Comment